يا ثَرَى النيلِ في نَواحيكَ طيرٌ
كان دنيا وكان فرحة َ جيلِ
لم يزلْ ينزلُ الخمائلَ حتى
حلّ في رَبْوَة ٍ على سَلسبيل
أقعد الرَّوضَ في الحياة مليَّاً
وأَقامَ الرُّبَى بسِحْر الهَديل
يا لِواءَ الغناءِ في دَوْلة ِ الفن
إليكَ اتجهتُ بالإكليل
عبقريا كأنه زنبقُ الحلدِ
على فَرْعِه السَّرِيِّ الأَسيل
اينَ منْ مسمع الزمانِ أغانيُّ
عليهنَّ رزعة ُ التمثيل؟
أَين صَوتٌ كأَنه رَنّة ُ البلبلِ
في الناعم الوريفِ الظليل؟
فيه من نَغْمة ِ المزاميرِ مَعنًى
وعليه قداسة ُ الترتيل
كلما رَنَّ في المسارح إن كنتُ
انثنى بالهتاف والتهليل
كعتاب الحبيب في أذنِ الصَّب
وهمسِ النديمِ حولَ الشمول
كيف إخواننا هناك على الكوْ ثَر
بينَ الصَّبا وبينَ القبول؟
كيف في الخلد ضربُ أحمدَ بالعودِ
ونفخُ الأَمين في الأَرغول؟
فرَحٌ كُلُّهُ النعيمُ وعُرْسٌ
كيف عثمانُ فيه كيف الحمولي؟
فهنيئاً لكم ونعمة ُ بالٍ
إستَرحتم من ظِل كلِّ ثَقيل
إنما مَنزلٌ رُفاتُك فيه
لَبقايا من كل فَنٍّ جميل
ذبلتْ في ثراهُ ريحانة ُ الفنِّ
وجفَّتْ ريحانة ُ التمثيل
قام يجزي سلامة ً في ثراه
وطنٌ بالجزاءِ غيرُ بخيل
قد يوفي البناءَ والغرسَ أجراً
ويُكافِي على الصَّنيعِ الجليل
مُحسنٌ بالبنينَ في حاضرِ العَيْش
وفي سالفِ الزمانِ الطويل
ويعدُّ الضَّريحَ من مرمرِ الخلدِ
الكريمِ المهذَّبِ المصقول
بدفنُ الصالحين في ورقِ المصْحَفِ
أَو في صحائف الإنجيل
مصرُ في غَيبة ِ المُشايعِ والحاسدِ
والحاقد اللَّئيمِ الذَّليل
قامت اليومَ حولَ ذكراك تجري
وطنيا من الطِّراز القليل
من رجالٍ بنوا لمصر حدياً
وأَذاعوا مَحَاسِناً للنيل
هم سُقاة ُ القلوبِ بالوُدِّ والصَّفوِ
وهم تارة ً سقاة ُ العقول
ليس منهم إلا فتى عبقريٌّ
ليس في المجد بالدَّعِي الدخيل