في ليلة كانت شراينها
فحما و كانت أرضها من لحود
يأكل من أقدامنا طينها
تسعى إلى الماء
إلى شراع مزقته الرعود
فوق سفين دون أضواء
في الضفة الأخرى يكاد العراق
يومىء يا أهلا بأبنائي
لكننا واحسرتا لن نعود
أواه لو سيكارة في فمي
لو غنوة لو ضمة لو عناق
لسعفة خضراء أو برعم
في أرضي السكرى برؤيا غد
إنا مع الصبح على موعد
رغم الدجى يا عراق
ريف وراء الشطّ بين النخيل
يغفو على حلم طويل طويل
تثاءبت فيه ظلال تسيل
كالماء بين الماء و العشب
يا ليت لي فيه
قبرا على إحدى روابيه
يا ليتني ما زلت في لعبي
في ريف جيكور الذي لا يميل
عنه الربيع الأبيض الأخضر
السّهل يندى و الرّبى تزهر
ويطفئ الأحلام في مقلتي
كأنها منفضة للرماد
همس كشوك مسّ من جبهتي
ينذر بالسارين فوق الجياد
( سنابك الخيل مسامير نار
تدق تابوت الدجى و النهار
ناعورة تحرس كرم الحدود
أثقل طين الخوف ما للفرار
من قدم تدمى و مدّ السّدود
أمن بلادي هارب أيّ عار
و ارتعش الماء و سار السّفين
و هبّت الريح من الغرب
تحمل لي دربي
تحمل من قبرها ذرّ طين
تحمل جيكور إلى قلبي
يا ريح يا ريح
توهّجت فيك مصابيح
من ليل جيكور أضاءت ظلمة السفين
لأبصر الأعين كالشّهب
تلتم حولي لأراها تلين
و أنجم الشطّ زهور كبار
أوشكت أن أبصر سيقانها
تمتد في الماء تمس القرار
لملم فجر الصيف ألوانها
كأنها أوجه حور تحار
فيها تباريح الهوى و الحياء
كأنّها زنبق نار و ماء