سريا صليب الرِّفقِ في ساح الوغى
وانتشر عليها رحمة ً وحنانا
ولو صَرَّحت لم تُثر الظنونا
وهل تصوّرُ أفراداً وأعيانا؟
نزلنَ أَولَ دارٍ في الثرى رَفعَت
للشمس مُلكاً ، وللأقمار سلطانا
ووقى من الفتنِ العبادَ، وصانا
تفننت قبل خلق الفن، وانفجرت
علماً على العُصُرِ الخالي وعِرفانا
والمسْ جراحاتِ البريَّة ِ شافياً
ما كنت إلا للمسيح بنانا
أُبَوَّة ٌ لو سكتا عن مفاخرهم
تواضعاً نطقت صخراً وصَوَّانا
وإذا الوطيسُ رمى الشباب بناره
واضرَع ، وسلْ في خلقِه الرّحمانا
هم قلَّبوا كرَة الدنيا فما وجدَتْ
جلالُ الملك أَيامٌ وتمضي
فيا لكِ هِرَّة ً أَكلت بنيها
للهِ له بيعاً ولا صلبانا
وصيّروا الدهرَ هزءاً يسخرون به
يَسُلُّ من التراب الهامدينا
لم يَسلك الأَرضَ قومٌ قبلهم سُبُلاً
ولا الزواخرَ أَثباجاً وشُطَّانا
ومن دُولاتهم ما تعلمينا
تقدم الناسَ منهم محسنون مضَوا
للموت تحت لواءِ العِلم شجعانا
إن الذي أمرُ الممالك كلذِها
بيديه ؛ أحدثَ في الكنانة شانا
جابوا العُبابَ على عودٍ وسارية
وأغلوا في الفَلا كاأُسْدِ وحْدانا
أَزمانَ لا البرُّ بالوابور منتهَباً
ولا «البخارُ» لبنت الماءِ رُبَّانا
وكان نزيلُهُ بالمَلْكِ يُدعَى
فينتظم الصنائعَ والفنونا
هل شيَّع النشءُ رَكْبَ العلم، واكتنفوا
لعبقرية ٍ أَحمالاً وأَظعانا؟
أوَما ترون الأرضَ خُرّب نصفُها
وديارُ مصرٍ لا تزال جنانا؟
عِزَّ الحضارة أعلاماً وركبانا؟
يسيرُ تحت لواءِ العلم مؤتلفاً
ولن ترى كنودِ العلم إخوانها
كجنود عَمْروٍ ، أينما ركزوا القنا
العلمُ يجمعُ في جنسٍ ، وفي وطنٍ
شتى القبائل أجناساً ، وأوطانا
ولم يزِدْكَ كرسمِ الأَرض معرفة
وتارة ً بفضاءِ البَرِّ مُزدانا
علمٌ أَبان عن الغبراءِ، فانكشفتْ
زرعا، وضرعا، وإقليما، وسُكانا
أُممَ الحضارة ِ، أنتمُ آباؤنا
منكم أخذنا العلمَ والعرفانا
وقسم الأرض آكاماً، وأودية
نحاذرُ أَن يؤول لآخرينا
بنيانُ إسماعيل بعد محمدٍ
وتركُك في مسامعها طنينا
وبيَّن الناسَ عادات وأمزجة
سَيَفْنَى ، أَو سَيُفْنِي المالكينا
وما تلك القبابُ؟ وأَين كانت؟
وما لكَ حيلة ٌ في المرجفينا
ومن المروءة ِ – وهي حائطُ ديننا
أن نذكرَ الإصلاحَ والإحسانا
وفدَ الممالك ، هز النيل مَنكبَه
لما نزلتم على واديه ضيفانا
غدا على الثغرِ غادٍ من مواكبكم
مُمرَّدة البناءِ، تُخالُ برجاً
لم يعرفوا الأحقاد والأضغانا
جرت سفينتُكم فيه ، فقلَّبها
على الكرامة قيدوماً وسكانا
يلقاكمُ بسماءِ البحر معتدلٌ
نزلتُم بعَروسِ المُلكِ عُمرانا
ودالتْ دولة المتجبِّرينا
كأنه فلق من خِدره بانا
أناف خلف سماءِ الليل متقداً
يخال في شُرفات الجوِّ كيوانا
تطوي الجواري إليه اليمّ مقبلة
تجري بوارجَ أَو تنساب خُلجانا
نورُ الحضارة لا تبغي الركابُ له
لا بالنهار ولا بالليل برهانا
يا موكبَ العلم، قِفْ في أَرض منْفَ به
فكانوا الشُّهبَ حين الأَرض ليلٌ
بكى تمائمَهُ طفلاً بها، ويبكي
ملاعباً من دبى الوادي وأحضانا
أرض ترعرع لم يصحب بساحتها
إِلاَّ نبين قد طابوا، وكهّانا
عيسى ابنُ مريم فيها جرّ بُردتَه
وجرّ فيها العصا موسى بن عِمرانا
لو لا الحياء لناجتْكم بحاجتها
لعل منكم على الأيام أعوانا
وهل تبقى النفوسُ إِذا أَقامت
ليَّنتُمُ كلَّ قلبٍ لم يكن لانا
فضاقت عن سفينهم البحار
فلرُبَّ إِخوانٍ غَزَوْا إِخوانا
أمورٌ تضحكُ الصبيانُ منها
وانشر عليها رحمة ً وحنانا
وصيَّرنا الدخان لهم سماء
وأَراد أَمراً بالبلاد فكاناهِزبر من ليوث الترك ضاري
علومَ الحربِ عنكم والفنونا