لا أدري ماذا أكتُبُ إليكِ؟

وفي زمن اللاحوارْ..

لا أعرفُ كيف أحاورُ يديْكِ الجميلتينْ.

وفي زمن الحُبّ البلاستيكيّْ

لا أجِدُ في كلِّ لغات الدنيا

جُمْلةً مُفيدَهْْ

أزيّنُ بها شَعْرَكِ الطريّْ..

كصُوف الكشْميرْ …

فالأشجارُ ترتدي الملابسَ المُرقَّطة

والقَمَرْ..

يلبسُ خُوذَتّهُ كلَّ ليلَةْ

ويقوم بدَوريَّةِ الحراسة

خلفَ شبابيكنا..

2

مخفرُ بوليسٍ كبيرْ

لكي نُثْبِتَ:

أننا لا نقربُ النِساءْ..

ولا نتعاطى إلاَّ العَلَفَ والماءْ..

ولا نعرفُ شيئاً عن زرْقَة البحرْ

وتُوركوازِ السَمَاءْْ.

وأنّنا لا نقرأ الكُتُبَ المقدَّسة

وليس في بيوتنا

مكتبةٌ.. ولا دفاترُ.. ولا أقلامُ رصاصْ

وأننا لا نزالْ

(أمواتاً عند ربِّهِم يُرْزَقُونْ).

3

في هذا الزَمن الذي باع كُلَّ أنبيائِهْ

ليشتريَ مكيِّفاً للهواءْ

ليقتنيَ جهازَ فيديو..

وقصيدةَ الشعرْ.. بحذاءْ.

في هذا الزمن المُدجَّجِ بموسيقى الجاز

وسراويل الجينزْ..

وشيكات (الأميركان إكسبرسْ).

في هذا الزمن الذي يعتبر سيلفستر ستالوني

أعظمَ من الإسكندر المقدوني..

ويصبحُ فيه مايكل جاكسونْ

أكثرَ شعبيةً من السيِّد المسيحْ..

أشعرُ بحاجةٍ للبكاء على كتفيكِ

قبل أن يفترسنا عصرُ الفورمايكا

وعصرُ تأجير الأرحامْ..

أشعرُ بحاجةٍ، يا حبيبتي،

لقراءةِ آخرِ قصيدةِ حُبٍٍّ، كتبتُها

قبلَ أن تُصبحي آخرَ النساءْ..

وأصبحَ أنا..

آخرَ حيوانٍ يقرضُ الشِعْر …

4

في زمن الميليشيات المثقَّفَه..

والكتابات المُفَخَّخَهْ..

والنقد المسلَّح..

في زمن الأيديولوجياتِ الكاتمةِ للصوتْ

والفتاوى الكاتمةِ للصوتْ

بسبب أنوثتها..

وخَطفِ المرأةِ

بسبب شمُوخ نَهْديْها..

وخَطْفِ اللّغَةْ

بسبب أسفارها الكثيرةِ إلى أوربا

وخطفِ الشاعرْ..

بسبب عَلاقاتِهِ المشبُوهَه

مع رامبو.. وفيرلين.. وبول ايلور.. ورينه شارْ

وغيرهم من الشعراء الصليبيّنْ

في زمن المسدّس الذي لا يقرأ.. ولا يكتُبْ.

أقرأُ في كتاب عينيكِ السوداوَينْ

كما يقرأ المعتقلُ السياسيّْ

كتاباً ممنوعاً عن الحريّهْ..

وكما يفرح المسجون

بعلْبَةِ سجائرٍ مُهرَّبهْ …

5

في زمن هذا الإيدز الثقافيّْ

الذي أكل نصفَ أصابعنا.. ونصفَ دفاترنا

ونصفَ ضمائرنا..

في زمن التلوث الذي لم يترك لنا غصناً أخضر

ولا حرفاً أخْضَرْ..

في زمن الكَتَبَةِ الخارجينَ من رحمِ النَفْطْ

والبقيّةُ تأتي …

صارَ فيه (وُوْ سترِيتْ)

أهمَّ من سُوق عُكاظْ

وسلطانُ بن بروناي

أهمَّ من أبي الطيب المُتنبِّي..

كما تلتجئُ الحمامةُ إلى بُرْج كاتدرائيهْ

وكما تتخبأُ غَزَالَةٌ بين القَصَبْ

من بواريد الصيَّادينْ …

6

في عصر أدبِ الأنابيبْ..

والأدباءِ.. الذين تُربِّيهُمُ السلطةُ في الأنابيبْ.

في زَمَنٍ صار فيه الغَزَلُ بالكومبيوتر..

واللُّواطُ الفكريّ بالكومبيوتر..

وهزُّ الأرْدَاف.. بالكومبيوترْ..

وهزُّ الأقلام.. بالكومبيوترْ..

في هذا الزمن الذي تساوت فيه تسعيرةُ الكاتب

وتسعيرةُ المومِسْ …

حيثُ السباحةُ لا تزالُ ممكنَهْ..

7

في زَمَنٍ يخافُ فيه القلمُ من الكلام مع الورقَهْ.

ويخافُ فيه الرضيعُ من الاقتراب من ثدي أُمّه..

ويخافُ فيه الليلُ أن يمشيَ وحدَهُ في الشارع

وتخافُ فيه الوردةُ من رائحتها..

والنَهْدَانِ من حَلْمَتَيْهِمَا..

والكُتُبُ من عناوينها..

في زمنٍ.. لا فَضلَ فيه لعربيٍّ على عربيّْ

إلاَّ بالقدرةِ على الخوفْ..

والقدرةِ عل البُكَاءْ..

أنادي عليكِ..

والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍّ صغيرْ

حتى لا يسقطَ بين أنياب المتوحَشِينْ …

8

في زَمَنٍ..

سافر فيه اللهُ.. دونَ أن يتركَ عُنْوانَهْْ.

أتوسَّلُ إليكِ..

أن تظلّي معي.

حتى تظلَّ السنابلُ بخير

والجداولُ بخَيرْ …

والحريَّةُ بخيْر …

وجُمْهُوريةُ الحبِّ.. رافعةً أعلامَها …

بكل الكلمات التي أحفظُها من زمن الطفوله

والتي كتبتها على دفترٍ مدرسيٍّ صغيرْ

طَمَرتُهُ في حديقةِ البيت..

حتى لا يسقطَ بين أنياب المتوحَشِينْ …

8

في زَمَنٍ..

سافر فيه اللهُ.. دونَ أن يتركَ عُنْوانَهْْ.

أتوسَّلُ إليكِ..

أن تظلّي معي.

حتى تظلَّ السنابلُ بخير

والجداولُ بخَيرْ …

والحريَّةُ بخيْر …

وجُمْهُوريةُ الحبِّ.. رافعةً أعلامَها …