أكتب للصغار..
للعرب الصغار حيث يوجدون …
لهم على اختلاف اللون والاعمار..والعيون..
أكتب للذين سوف يولدون..
لهم أنا أكتب..للصغار …
لأعين يركض في أحداقها النهار …
أكتب باختصار..
قصة ارهابية مجندة..
يدعونها راشيل …
قضت سنين الحرب في زنزانه منفردة..
كالجرذ..في زنزانه منفردة..
شيدها الالمان في براغ …
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود …
يزور النقود..
وهي تدير منزلاً للفحش في براغ …
يقصده الجنود …
وآلت الحرب الى ختام …
وأعلن السلام …
ووقع الكبار …
أربعة يلقبون نفسهم كبار …
صك وجود الأمم المتحدة..
… وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح..
سفينة تلعنها الرياح …
وجهتها الجنوب..
تغص بالجرذان..والطاعون ..واليهود..
كانوا خليطاً من سقاطة الشعوب …
من غرب بولندا..
من النمسا … من استنبول..من براغ..
من آخر الأرض..من السعير..
جاءوا الى موطننا الصغير..
موطننا المسالم الصغير..
فلطخوا ترابنا …
وأعدموا نساءنا …
ويتموا أطفالنا …
ولاتزال الأمم المتحدة …
ولم يزل ميثاقها الخطير …
يبحث في حرية الشعوب …
وحق تقرير المصير …
والمثل المجردة …
فليذكر الصغار …
العرب الصغار..حيث يوجدون..
من ولدوا منهم ومن سيولدون …
قصة إرهابية مجندة..
يدعونها راشيل …
حلت محل أمي الممددة …
في أرض بيارتنا الخضراء في الخليل …
أمي أنا الذبيحة المستشهدة …
وليذكر الصغار..
حكاية الأرض التي ضيعها الكبار..
والأمم المتحدة …
أكتب للصغار..
قصة بئر السبع ..والخليل..
وأختي القتيل …
هناك في بيارة الليمون …
أختي القتيل..
هل يذكر الليمون في الرملة..
في اللد..
وفي الخليل..
أختي التي علقها اليهود في الأصيل..
من شعرها الطويل..
أختي انا نوار …
أختي انا الهتيكة الإزار …
على رُبَى الرملة والجليل …
أختي التي مازال جرحها الطليل …
مازال بانتظار …
نهار ثأر واحد..نهار ثار …
على يد الصغار …
جيل فدائي من الصغار …
يعرف عن نوار …
وشعرها الطويل …
وقبرها الضائع في القفار …
أكثر مما يعرف الكبار …
أكتب للصغار..
أكتب عن يافا..وعن مرفأها القديم …
عن بقعة غالية الحجار …
يضيء برتقالها …
كخيمة النجوم …
تضم قبر والدي … وإخوتي الصغار..
هل تعرفون والدي..
وإخوتي الصغار؟..
اذ كان في يافا لنا..
حديقة ودار …
يلفها النعيم …
وكان والدي الرحيم …
مزارعاً وشيخاً … يحب الشمس.. والتراب..
والله..والزيتون … والكروم …
كان يحب زوجه وبيته..
والشجر المثقل..بالنجوم …
… وجاء أغراب مع الغياب..
من شرق أوروبا..ومن غياهب السجون..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب …
فأتلفوا الثمار..
وكسروا الغصون …
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم …
والخمسة الأطفال في وجوم …
واشتعلت في والدي كرامة التراب …
فصاح فيهم: اذهبوا الى الجحيم …
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب..!
… ومات والدي الرحيم..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه..
مات والدي العظيم …
في الموطن العظيم …
وكفه مشدودة شداً الى التراب …
فليذكر الصغار..
العرب الصغار حيث يوجدون …
من ولدوا منهم ..ومن سيولدون..
ماقيمة التراب..
لأن في انتظارهم …
معركة التراب …
نزار قباني